کد مطلب:306543 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:232

بیت بنت المصطفی


.. اجل فی تلك اللحظات السعیدة سمع فیها زقزقة العصافیر المحلقة فی اجواء الفضاء.

وانجلت عن الشمس غبرتها الباهتة، و صارت من جدید تشرق و كأنها وسط الربیع الاخضر، ترسل اشعتها دافئة جمیلة.

.. فتلتقی انوار المصطفی بعینی علی، فیخاطبه الرسول و قد علته الفرحة والسعادة.

- (یا علی هیی ء منزلاً حتی تحول إلیه فاطمة).

.. فمال حاجبا علی تاسفاً علی شی ء ما و قال:

- (یا رسول اللَّه ما هنا منزل إلّا منزل حارثة بن النعمان).

.. فزفرَ النبی متحسراً و قال:

- (لقد استحیینا من هذا الرجل، و قد اخذنا عامة منازله).

.. انتشر خبر زفاف عروس علی فی كل المدینة، فأقبل المسلمون یهنئون علیاً و الرسول.. فی حین كان المرتضی یفكر فی أمر البیت الذی سیحول إلیه ابنة عمه.. فقدم الحارثة بنفسه یلهث و هو یقول متوسلاً ملتمساً:

- یا رسول اللَّه أنا واللَّه مالی للَّه و لرسوله.. ما شی ء أحب إلیّ مما تأخذه، والذی تأخذه أحب إلیّ مما تتركه [1] .

.. فأشرق وجه النبی و اخذ لسانه یتدفق بشكر صنیعه داعیاً له اللَّه بالموفقیة.

.. فقام علی من ابن عمه متأهباً للتوجه مع حارثة إلی احد منازله، التی وضعها تحت تصرفه.


فملئت السعادة نفس الوصی، و حفته بطوق من نور اذ هو الآن ذاهب لیجهز و یرتب بیتاً لزوجته.

.. وها هو یدخل فناء الدار الصغیرة البسیطة التصمیم. فأخذت عیناه الرائعتان تتأملان المكان، و ترسم كیفیة وضع الاثاث و ترتیبه (و كأنه یكلم نفسه):

(هل یا تری سیعجب فاطمة البیت، سأجعله لها جنینة صغیرة سأنظمه كی تسعد نفس الزهراء و تنقشع اشجانها و تتبدد كآبتها).

.. فقام الشاب إلی الدار لیهیأها.. ففرش ارضها كثیباً طاهراً من الرمل، تفوح منه رائحة رطبة تنعش الصدور، ثم ما لبث أن نصب عموداً وسط الحجرة، وازلق جلده لیتسنی له وضع القربة علیه و من تحت العمود وضع جرة و كوزة. [2] .

.. ثم التفت إلی زاویة الحجرة فوجدها خالیة الحواشی.. فنصب علی الفور فیها خشبة رطبة نظیفة من حائط إلی حائط لوضع الثیاب علیها.

و اتی بجلد كبش نظیف و بسطه وسط الحجرة [3] .

.. و قبل أن یتمم عمله رفع الوسادة، التی حشت من اللیف و اركنها الی احدی جوانب الحجرة التی بدت حقاً كما اراد هو (جنینه صغیرة).

.. عند ذلك دخل نور المصطفی، لتضاء حجرة العروسین بأشرف نور و لتنطلق أول كلمات التبریك من لسانه العذب.

اذ اشرقت عینا النبی بومیض ساطع ملأ الرحاب، و هو یتأمل الحجرة معجباً بالذوق الفائق، و السلیقة الروحیة الشاعریة التی یمتلكها صهره.. برغم ما اتصف به الاثاث من قلة، و بساطة و تواضع كامل.



[1] طبقات ابن سعد ج 3- تاريخ الصحابي حارثة بن النعمان.

[2] رواه صاحب المناقب.

[3] كما في ذخائر العقبي، تذكرة الخواص في ص 307، بحارالانوار، المناقب، الطبقات الكبري ج 8 ص 11- 14- 60، كما و رواه الشعيبي، صحيح ابن ماجة ص 139، الطبري ج 2 ص 182، الصحاح.